تاليف منصور بن يونس البهوتي
تحقيق د تركي الذيابي
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمْدُ للهِ الَّذِي شَرَحَ صُدُورَنَا بِالهِدَايَةِ إِلَى الإِسْلَامِ، وَوَفَّقْنَا لِلتَّفَقُهِ فِي الدِّينِ ومَا شَرَعَهُ مِنْ بَدِيعِ مُحْكَمِ الأحْكَامِ، أَحْمَدُهُ عَلَى جَزِيلِ الإنْعَامِ، وَأَشْكُرُهُ أَنْ عَلَّمَ بِالقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ؛ فَأَتْقَنَ وَأَحْكَمَ أَيَّ إِحْكَامٍ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ذُو الجَلَالِ وَالإكْرَامِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ المَبْعُوثُ رَحْمَةَ لِلأَنَامِ، وَالهَادِي إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ وَإِيضَاحِ الحَلَالِ وَالحَرَامِ، صلى الله عليه وسلم وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ الكِرَامِ، صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَينِ لَا يَعْتَرِيهِمَا نَقْصُ وَلَا انْتِلَامُ؛
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أجَلَّ العُلُومِ قَدْرًا، وأعْلَاهَا فَخْرًا، وأبْلَغَهَا فَضِيلَةٌ، وَأَنْجَحَهَا وَسِيلَةٌ: عِلْمُ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ، ومَعْرِفَةُ أحْكَامِهِ، والاطلاعُ عَلَى سِرْ حَلَالِهِ وَحَرَامِهِ؛ فَلِذَلِكَ تَعَيَّنَتْ إعَانَهُ قَاصِدِهِ، وتَيسِيرُ مَوَارِدِهِ لِرَائِدِهِ .
وَلَمَّا رَأَيْتُ هَذَا الشَّرْحَ اللَّطِيفَ النَّفِيسَ المَوسُومَ بـ الرَّوْضِ المُرْبِعِ شَرْحِ زَادِ المُسْتَقْنِعِ ، مَحَلَّ عِنَايَةِ العُلَمَاءِ والمُتَفَقِّهِينَ والدَّارِسِينَ فِي قُطْرِنَا وَمَا وَالاهُ، وَهُوَ حَقِيقُ بِهَا كَيْفَ لا وقَدْ حَوَى جُلَّ المُهِمَّاتِ، وَأَتَى بِبُغْيَةِ الطُّلابِ، بِعِبَارَةٍ مَسْبُوكَةٍ مُوجَزَةٍ مُحْكَمَةٍ، مَعَ اهْتِمَامِ بِذِكْرِ الدَّلِيلِ والتَّعْلِيلِ، وحِكَايَاتِ الإِجْمَاعِ، والعِنَايَةِ بتقييد ما أُطلِقَ وتَفْصِيلِ ما أُجْمِلَ والتَّفْرِيعِ والتَّخْرِيحِ عَلَىٰ مَا أُصْلَ، وَبَيَانِ مَا خَالَفَ الزَّادُ فِيهِ المَذْهَبَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ المَحَاسِنِ والمَزَايَا .. وَلَا غَرْوَ؛ فَمُؤَلِّفُهُ مُحَقِّقٌ فِي المَذْهَبِ ومُحَرِّرٌ ، وعَلَيهِ المُعَوَّلُ عِنْدَ المُتَأَخْرِينَ فِي إِيضَاحِ مَسَائِلِ المَذْهَبِ وَتَقْرِيرِها. أقُولُ : لَمَّا رَأَيْتُهُ بِهَذِهِ المَكَانَةِ والمَنْزِلَةِ، تاقَتْ نَفْسِي إِلَى الْعَمَلِ عَلَى خِدْمَتِهِ عَلَى نَحْوِ يَلِيقُ بِهِ؛ فَشَمَّرْتُ عَنْ سَاعِدِ الجِدٌ ) ، مُسْتَعِينَ بِاللَّهِ عَنَاكَ فِي بُلُوغَ القَصْدِ، رَاغِبًا إِلَيهِ فِي حُصُولِ القَبُولِ والنَّفْعِ.