مجلد 669 صفحة ورق شموا

سر الفصاحة

74.75

رقم الموديل
153263

مجلد 669 صفحة ورق شموا

سر الفصاحة

74.75

سر الفصاحة | أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي

الغرض من هذا الكتاب معرفة حقيقة الفصاحة والعلم بسرها وثمرتها وفائدته ، فالعلوم الأدبية الأمر في تأثيرها واضح لأن الزبدة منها وتعتمد على نظم الكلام على اختلاف تأليفه ونقده ومعرفة ما يختار منه مما يكره. وهذه أمور تتعلق بالفصاحة ومقصورة على المعرفة بها.

سبق عند الحديث عن أبي هلال العسكري وبيان منزلته العلمية أن بينت منهجه في «كتاب الصناعتين الكتابة والشعر» حيث جعل أهم أهداف البيان أو البلاغة إثبات الإعجاز في القرآن الكريم، ولذلك كان علم البلاغة في نظره أحق العلوم بالتعلم وأولاها بالتحفظ بعد المعرفة بالله جل ثناؤه، وذلك من المقاصد التي كان يرمي إليها ابن سنان الخفاجي في كتابه « سر الفصاحة » الذي نؤمّل في هذا المقام الكلام عنه؛ لمنزلته التي لا تنكر ومكانته التي لا تجحد بين كتب الأدب والبلاغة. 

أهمية كتاب «سر الفصاحة » لابن سنان الخفاجي ومكانته

لكتاب سر الفصاحة منزلة لا تنكر ومكانة لا تجحد ضمن كتب البلاغة، ويعد زبدة ما ألف في هذا الفن، وعلى الرغم من نقد ابن الأثير له في عدة مواضع، ومع ذلك فقد شهد له وجعله ثاني اثنين ارتضاهما من كتب البيان التي ألفت من قبله على كثرتها، وفيه يقول ابن الأثير:«وبعد فإن علم البيان لتأليف النظم والنثر بمنزلة أصول الفقه للأحكام وأدلة الأحكام وقد ألف الناس فيه كتبا، وجلبوا ذهبا وحطبا، وما من تأليف إلا وقد تصفحت شينه وسينه، وعلمت غثه وسمينه، فلم أجد ما ينتفع به في ذلك إلا كتاب الموازنة لأبي القاسم الحسن بن بشر الآمدي، وكتاب سر الفصاحة لأبي محمد عبد الله بن سنان الخفاجيّ ، غير أن كتاب الموازنة أجمع أصولا وأجدى محصولا، وكتاب سر الفصاحة وإن نبه فيه على نكت منيرة، فإنه قد أكثر مما قل به مقدار كتابه من ذكر الأصوات والحروف والكلام عليها»(10) 

ويعد كتاب سر الفصاحة لابن سنان الخفاجي من أهم ما كتب في علم البلاغة، وإنَّ ما ذكره في هذا الكتاب من القضايا والمسائل البلاغية إنما ذكره لتوضيح فكرته التي تدور حول الفصاحة والبلاغة، ولهذا استحق كتابه أن يوصف بأنه أثر من أنفس الآثار البيانية، لأنه خلاصة مركزة لكثير من وجوه النظر في العربية وأصولها، ودراسة منظمة لعناصر الجمال الأدبي مع آراء سديدة في النقد والبلاغة وفنون الأدب تدل على تبحر وسعة اطلاع ورأي منظم وعمق في التفكير الأدبي.(11) 

 مضمون الكتاب ومنهجه والغرض من تأليفه

كان لابن سنان الخفاجي منهجه الخاص الذي تميز به في تناوله للبلاغة، فجاء أسلوبه كما ذكر في خطبة الكتاب وسطا بين الاختصار والإسهاب، فهو لا يميل بالاختصار إلى الإخلال ولا بالإسهاب إلى الإملال(12) ، فكان حريصا في منهجه البلاغي على بيان سر الفصاحة متلمسا صورها بروح الناقد الأديب، فقد بدأ دراسته بالبحث في جزئيات العمل الأدبي من أول الصوت، ثم الحرف، ثم الكلمة، التي جعل لفصاحتها أسبابا ومظاهرَ وتناول كل ذلك بالشرح والتحليل، ثم ذكر نبذا من أحكام الأصوات ونبه على حقيقتها، ثم ذكر تقطعها على وجه يكون حروفا متميزة ، وأشار إلى طرف من أحوال الحروف في مخارجها، ثم أخذ في التدليل على أن الكلام هو ما انتظم من هذه الحروف وأتبع ذلك بحال اللغة العربية وما فيها من الحروف، وكيف يقع المهمل فيها والمستعمل ، ثم تكلم بعد هذا في الفصاحة، ولم يخل ذلك من شعر فصيح وكلام غريب بليغ يُتدرب بتأمله على فهم مراده(13) ولم يقصر الخفاجي الكلام على اللفظة المفردة التي قضى فيها شوطا كبيراً في الحديث عنها وهي الوحدة في موضوع الكلام ولكنه تجاوزها إلى الكل الذي ينشأ من مجموع الكلمات، والنظم الذي يتألف منها، كما بين وجهة نظره في الفصاحة، وذكر شروط فصاحة الكلمة مؤيدا ذلك بالأمثلة الكثيرة والشواهد الوفيرة للشعراء الفحول المتقدمين في صناعة الأدب.

كان ابن سنان واضحا في منهجه، وذكر في مقدمة الكتاب أن الذي دعاه إلى تصنيف كتابه أنه رأى الناس مختلفين في معنى الفصاحة وحقيقتها، فأراد أن يضع حداً لهذا الخلاف بأن ضمن كتابه هذا “طرفا من شأنها وجملة من بيانها” وقرَّب هذا ووضحه لمن يتأمل كتابه دون إطالة مملة أو اختصار مخل، ثم قال:”اعلم أن الغرض بهذا الكتاب معرفة حقيقة الفصاحة والعلم بسرها”(14)، وفي رأيه علم الفصاحة له تأثير كبير في العلوم الأدبية، لأن الزبدة منها نظم الكلام على اختلاف تأليفه ونقده ومعرفة ما يختار منه، وكلا الأمرين متعلق بالفصاحة، بل هو مقصور على المعرفة بها فلا غنى لمن ينتحل الأدب عن دراسة الفصاحة على النحو الذي اهتدى به في سر الفصاحة وكذلك العلوم الشرعية، لأن المعجز الدال على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم هو القرآن، والخلاف الظاهر فيما كان به معجزاً على قولين: أحدهما:أنه خرق العادة بفصاحته، والقول الثاني:أنه وجه الإعجاز في القرآن الكريم

  وقد جعل ابن سنان الخفاجي كتابه على الترتيب التالي(15): – فصل في الأصوات.  – فصل في الحرف.  – فصل في الكلام. – فصل في اللغة. – وجه تفضيل هؤلاء القوم على غيرهم.  – الكلام في الفصاحة. – الكلام في الألفاظ المؤلفة. – الكلام في المعاني المفردة. – فصل في ذكر الفرق بين المنظوم والمنثور وما يقال في تفضيل أحدهما على الآخر. – فصل فيما يحتاج مؤلف الكلام إلى معرفته.

وصفوة القول أن ابن سنان بتأليفه هذا الكتاب وضع الأساس المتين لمقدمة البلاغة التي كان لها أثر في كثير من علماء البلاغة المتأخرين، وإذا تدبرنا كلام صاحب الكتاب وعرفنا منه غاية الفصاحة، وجدنا الشبه قويا بينه وبين ما قدم به أبو هلال العسكري في كتابه «الصناعتين» لأن كلا من الرجلين يجعل للبلاغة أو للفصاحة هدفين: أحدهما أدبي، وهو معرفة الأدب، والثاني ديني، وهو الوصول بالفصاحة أو البلاغة إلى إدراك وجه الإعجاز في القرآن الكريم. 


  • mada
  • credit_card
  • credit_card
  • stc_pay
  • apple_pay
  • tabby_installment
  • tamara_installment