لشيخ الاسلام ابن تيمية
تأليف علاء الدين ابو الحسن الدمشقي
حققه وعلق عليه أ د أحمد بن محمد الخليل
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الثانية
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . وبعد :
فهذه الطبعة الثانية لكتاب : الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية تخرج بعد أن نفدت نسخ الطبعة الأولى في فترة وجيزة وكثر سؤال عدد من الفضلاء من أهل العلم عنها وطلبهم طبعها مرة أخرى، وما ذلك إلا محض فضل من الله ، ومنة منه ، حيث وفق لإخراجها ثم انتشارها وقبولها ؛ فاللهم لك الحمد والشكر كما تحب وترضى.
هذا وقد جاءتني بعض الاقتراحات والتصويبات، والترجيحات، بين النسخ الخطية في الأماكن التي اختلفت فيها تلك النسخ.
وأحب أن أسجل شكري وامتناني لكل من قرأ الكتاب وقدم نصحاً، أو تصويباً، أو اقتراحاً، سائلاً المولى أن يجزي الجميع الخير وأن يوفقهم للسداد. ثم أشير ثانياً إلى أن ما جاءني من ذلك مما تختلف فيه وجهات النظر آخذ بما أراه صحيحاً، وأدع ما أرى أنه مخالف للصواب، وأحسب أن صدور الناصحين تتسع لتقبل كل مسألة تختلف فيها الأنظار ولو لم يؤخذ فيها بقولهم، مع العلم أني أخذت بكثير مما جاءني من ذلك، واستفدت منه في إخراج هذه الطبعة بشكل أتم وأصح.
وقد استفدت في هذه الطبعة من نسخة مقابلة على نسخة الشيخ عبد الله بن عقيل، وقد قابل الشيخ عبد الله نسخته على نسخ خطية بقلم محمد بن محمد عجلون العجلوني كتبت عام ثمانمائة وستة وستين هجرية، ورمزت لها بـ (د)، وقد قابلت على هذه النسخة واستفدت منها في تصحيح عدد من المواضع وفي ضبط بعض الكلمات .
كما تحصل عندي نسخة خطية أخرى لا يوجد فيها اسم الكاتب، ولا سنة الكتابة؛ إلا أنه كتب في آخرها في الهامش: بلغ مطالعة والحمد الله سنة ١٣٨٦هـ، وقد قابلت عليها مواضع فتبيَّن أنه ليس فيها زيادة على باقي المخطوطات، وفيها سقط يلحقه الكاتب في الهامش، ورمزت لها بـ (و). هذا ؛ وقد بذلت جهداً كبيراً في تصحيح هذه الطبعة، ومراجعتها على الأصول الخطية القديمة والجديدة، والمراجع الأخرى، وأخذ العمل مني وقتاً طويلاً، وأرجو أن أكون وفقت في إخراج طبعة متقنة، صحيحة، قدر الجهد والطاقة .
كما قمت بتخريج الأحاديث والآثار التي فاتني تخريجها في الطبعة وثمت عدة قضايا أخرى أسوق الكلام عليها فيما يلي :
أولاً : ممثلين محتال لها بل الله ذكرت في مقدمة الطبعة الأولى أني لا أعلم للكتاب إلا طبعة واحدة، وهي التي أخرجها الشيخ محمد حامد الفقي الله ، وفاتني في الحقيقة أن هناك طبعة أخرى ظهرت قبل طبعة الشيخ الفقي، وهي الطبعة التي خرجت ضمن الفتاوى الكبرى، وقد ذكر هذه الطبعة الشيخ الفقي في مقدمة طبعته، ومما قال عنها :
وكانت طبعته رديئة كل الرداءة من جهات عدة :
أولها : أنه مُحرَّف أشد التحريف، وقد اعتذر طابعه - فرج الله الكردي - على ذلك بأن النسخة الوحيدة التي طبع عليها كانت رديئة الخط، ويغلب على
ظني أن العيب إنما كان لسوء عقيدته دخل في ذلك، فإنه كان بهائيّاً خبيثاً داعياً إلى بهائيته الخبيثة، وأعتقد أنه لو كان مسلماً لاستطاع أن يخرج الكتاب - على الأقل - أقل من ذلك تحريفاً ونسخاً .
ثانياً : أن الكتاب مدشوت بحيث يصعب جداً الاستفادة منه إلا للعليم الخريت بمنهج شيخ الإسلام ابن تيمية وطريقته في التأليف المال ثالثاً: أن الطابع لم يكن أميناً في إخراج الصورة الأصلية للكتاب، فقد ثبت أنه حرف في بعض المواضع التي لم تكن توافق هواه . اهـ . فحال هذه الطبعة سيئة كما ترى فهي أسوء الطبعات على الإطلاق.
ثانياً :
سأل بعض الإخوة الكرام عن مصدر عنوان الكتاب، فأقول حملت المخطوطات العناوين التالية :
- المخطوطة ( أ ) عنوانها: كتاب الاختيارات به شفتاه تیمها المخطوطة
(ب) عنوانها : الاختيارات العلمية في اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية والغير هذا جافر بجمال وهي تقرأ بوضوح (الاختيارات) لكن لعله خطأ من الناسخ؛ لأنه من غير المقبول تكرار كلمة الاختيارات ولعل صوابها الأخبار فأخطأ الناسخ وكتبها الاختيارات .
المخطوطة (ج) عنوانها : كتاب الاختيارات
المخطوطة (و) عنوانها: الأخبار العلمية في اختيارات شيخ الإسلام
تقي الدين أبي العباس أحمد ابن تيمية . وذكر صاحب شذرات الذهب :۳۱۷ أن من مصنفات البعلي كتاب :
الأخبار العلمية في اختيارات الشيخ تقي الدين ابن تيمية . والاسم الذي وضعه الشيخ محمد حامد الفقي: «الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية .
والظاهر - والله أعلم - أن كلمة «الفقهية من زيادة الشيخ محمد حامد
الفقي رحمة الله لأنها لا توجد في النسخ الخطية ولم يذكرها المترجمون للبعلي . وقد اخترت أن يكون العنوان : الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية
لشيخ الإسلام ابن تيمية لما يلي :
أ - طبع الكتاب طبعته الأولى بهذا العنوان وبه عرف واشتهر بين أهل العلم، فرأيت أن تغييره سيوقع إرباكاً وتردداً حيث سيظن البعض أنه كتاب آخر ؛ فلهذا رأيت أنه من الأنسب إبقاؤه بعنوانه الذي اشتهر به. هذا العنوان زيادة علم فأخذت به ويظهر لي أن العناوين
ب ـ أن في الأخرى مختصرة منه .
ثالثاً :
لم يذكر مؤلف الكتاب منهجه فيه فلم يبين هل ما يذكر هو نص كلام شيخ الإسلام ابن تيمية أو هو معنى كلامه وكان ينبغي عليه أن يبين ذلك لأهميته في التفريق بين ما يفهمه المؤلف من كلام شيخ الإسلام، وبين ما يكون منصوصاً لشيخ الإسلام رحمهما الله لا والذي يظهر أنه ينقل نصوصاً لشيخ الإسلام من كتبه وفتاويه يدل على ذلك أمور :
١ - المؤلف يقول كثيراً بعد سياقه لكلام في مسألة من المسائل: قلت . . . . فاستخدامه لهذه الكلمة يدل على أنه يفرق بين ما يكون من كلام شيخ الإسلام وبين ما يكون من كلامه .
٢ - بمقارنة ما جاء في الاختيارات بما في مجموع الفتاوى نجد أن هناك نصوصاً كاملة متطابقة تماماً ،لفظاً، وأحياناً يكون هناك اختلاف يسير من قبيل اختلاف النسخ فهذا يدل كذلك على أنه ينقل كلام شيخ الإسلام بألفاظه والشيء نفسه يكون مع ما ينقله المؤلف عن الفروع مما يصرح فيه ابن مفلح أنه من كلام شيخ الإسلام، فإما أنه ينقل عن الفروع أو ينقلان من مصدر واحد وعلى كل حال فهو كلام لشيخ الإسلام لا للمؤلف . - قال المؤلف ص قال أبو العباس في قديم خطه :
وقال ص ۲۱۲ : قال أبو العباس في تعاليقه القديمة : . ... فهذا يوحي بأنه يحرص على نقل كلام الشيخ الله، بل ويفرق بين خطه القديم والحديث .
٤ - قال المؤلف ص ۲۸ : ومال أبو العباس . وقال ص ۱۷۹ : واختار أبو العباس. وقال ص ۲۳۳ : وظاهر كلام أبي العباس.
فهذه الأمثلة من النقول تدل على أن المؤلف يفرق بين ما ينقله بالمعنى، أو يفهم هو أنه ظاهر كلام الشيخ وبين النصوص التي من كلام شيخ الإسلام
لفظاً .
5- يفرق المؤلف بين ما ينقله عن شيخ الإسلام وبين ما ينقله عن غيره : يقول ص ٢٠٦ : قال في المحرر : . . . ثم بعد نقله لما في المحرر قال : قال أبو العباس.
كذلك ص ۲۰۷ نقل عن أبي حفص في المجموع ثم بعد ذلك قال: قال أبو العباس : .
كذلك ص ۳۹۱ فهذه ثلاث مواضع على سبيل التمثيل .
٦ ـ قال المؤلف ص ۳۹۹ : قال أبو العباس في موضع آخر : ... . فهذا يبين أنه ينقل كلاماً لشيخ الإسلام من مواضع كتبه ورسائله.
والخلاصة : أن هذه الشواهد - وبعضها أقوى من بعض - تدل على أن المؤلف ينقل ألفاظ شيخ الإسلام رحمهما الله هكذا ظهر لي والله تعالى أعلم
بالصواب.
رابعاً :
قمت بإعادة ترتيب مصادر التخريج لتكون كما يلي :
التخريج من الصحيحين ثم السنن الأربعة ثم مسند أحمد، أما باقي
المصادر فحسب سنة الوفاة للمؤلف .